1- معنى المقدش المشترك؟
هدا الموضوع يحتاج إلى نقاش واسع، لكونه يشكل دعامة أساسية للتنمية داخل القرى بالخصوص.
فالمقدس المشترك أعني به في المقال المسجد، لكنه قد يعني شيئا آخر مثل المقبرة، المصلى...
فهو: " كل ما يمتلك قداسة و حرمة عند الناس، هذه الحرمة تجعلهم يلتئمون حوله، يعتنون به، يقدرونه أحسن تقدير، يساهمون فيه بتلقائية دون انتظار شكر أو تنويه أو عوض عن ذلك..."
2- لماذا يشكل المقدس المشترك "المسجد" القلب النابض و المحفز الحقيقي للعمل الاجتماعي التطوعي داخل القرية؟
فمن خلال الملاحظة و استقراء الواقع يتبين لنا جليا أننا كلما كان موضوع الفعل يتعلق بالمسجد، أو المقبرة ، أو المصلى ، أي كل ما له علاقة بالدين، كلما تهافت الناس على المساهمة في هذا الفعل دون اهتمام بمن هو قائد الفعل أو مشارك فيه...
لذلك أعتبر المقدس المشترك هو القلب النابض، فهو المحرك و المحفز الحقيقي للفعل الاجتماعي التطوعي داخل القرية.
3- كيف يمكن أن يساهم هذا المقدس المشترك في البناء و التنمية داخل الدوار؟
من خلال استقرائنا للتاريخ يتبين لنا أهمية المقدس المشترك في التنمية و العمارة، فعند بحثنا عن البدايات الاولية لبناء الدولة الاسلامية، نجد أن أول ما قام به النبي صلى الله عليه و سلم هو بناء المسجد (المقدس المشترك)، لكونه النواة الأساسية للبناء و التنمية، فيه حددت الأسس و بنيت القواعد و رسمت الخطوط العريضة، فيه حدد الهدف، و فيه توحدت النفوس و الهمم حول هذا الهدف.
و نحن نبحث كذلك عن تاريخ الدولة المغربية، نجد أن التصدي للمستعمر الفرنسي انطلق من داخل هذا المقدس المشترك.
لذلك فالعناية به هو الضامن الرئيسي لخلق التوازن و الاستقرار بين الناس داخل القرية، فهو إذن النواة الحقيقية للبناء و التنمية والعمارة.
4- ما علاقة الفاعل الجمعوي بالمقدس المشترك؟ و ما هو الفرق بينه و بين الجمعية كفضاء مشترك كذلك؟
دائما أصف " الفاعل الجمعوي بالنحلة، ترتحل من مكان إلى آخر لجمع الرحيق، تستفيد، و تفيد الآخرين، تحيى بحياة الآخر، و تموت بمجرد لسعتها له"
لذلك فالفاعل الجمعوي يجب أن ينفرد بصفات خاصة، تسمو به، و ترفع من قدره، و الناجح منه هو الذي يحسن توظيف هذا المقدس المشترك و يستثمره في البناء و التنمية.
و نحن في مجتمع محافظ ، خصوصا في البوادي المغربية، كلما اتصف هذا الفاعل الجمعوي بصفات الاستقامة، و كلما كان ارتباطه بهذا المقدس المشترك وطيدا، كلما كان محبوبا أكثر عند الناس، يكسبه ذلك مكانة خاصة لديهم تسهل عليه عملية التعبئة من أجل التنمية.
أما الفرق بين المقدس المشترك والجمعية فإن الأول ينضبط الجميع لقوانينه، يحترمونه، يدخله الجميع دون أن يمنعه أحد، يمارسون حقهم فيه طبقا لهذه الضوابط، و لا يتجرأ أحد مخالفتها...كل الناس سواسية فيه، لكن طبيعة الفاعل الجمعوي و توجهاته، و نواياه الخفية ...هي التي تمنع من الرقي بالجمعية إلى مكانة المقدس المشترك، و لأوضح الفكرة أكثر أطرح الأسئلة الآتية:
- لماذا يساهم الناس بتلقائية في الأعمال التي تهم هذا المقدس و لا يساهمون بنفس الطريقة في أنشطة الجمعية و مشاريعها مادامت كلها تجتمع في كلمة الخير أو الصدقة الجارية؟
- لماذا لا ينضبط الجميع لقوانين الجمعية بنفس الكيفية التي ينضبطون لقوانين المقدس ما دام كلاهما مشتركان لدى الناس؟
5- كيف يمكن أن يساهم الفقيه كمكون للمقدس المشترك في التنمية داخل القرية؟
نعلم جميعا الدور الذي يقوم به الفقيه داخل المقدس المشترك باعتباره جزءا منه لدى الناس ، و كيف يمكنه تعبئة المحسنين و في لحظة وجيزة و ببعض الكلمات، للمساهمة بما تجود أياديهم في أعمال الخير التي تهم هذا المقدس، سواء تعلق الأمر بالمساهمة في إعانة الطلبة أو صيانة و بناء مرافق هذا المقدس، لكن ذلك ينحصر بين جدران هذا المكان و لا يتعداه للخارج.
فلماذا لا يخصص الفقيه خطبا أو دروسا لتبيان أعمال الخير الأخرى التي تقوم بها الجمعية خارج هذا المقدس و يوضح بأنها هي الاخرى صدقة جارية لا ينقطع أجرها حتى بعد موت فاعلها مثل المساهمة في حفر بئر أو بناء بيت لليتامى و الفقراء أو مساعدة مريض أو معوز....؟
فالفقيه يجب أن يكون عضوا داخل لجنة في الجمعية و أن يكون قائدا للتنمية خصوصا في الجانب الاجتماعي و أن يعرف مشاكل المدشر و يساهم في إيجاد حلول لها.
لذلك فعندما تصير لدينا الجمعية مقدسا مشتركا بيننا، آنذاك سنتحدث عن التنمية الحقيقية، و عن المعنى الحقيقي للفاعل الجمعوي، و طبعا هذا الأخير هو الذي سيجعلها كذلك إن اتصف بالصفات و الشروط الموجبة لذلك.